Friday, December 02, 2005

القوميّة اللبنانية

منذ النفس الأوّل الذي نتنشّقه، نشتمّ روائح الإختلاف والشقاق… وكلٌّ منّا يكبر وهو يبحث عن وطنٍ ينتمي إليه… أو حتى أتفه من ذلك، نبحث عن وطنٍ يعطينا الأوامر لنعرف ماذا نعمل وماذا نقول…

فنحن لا وطن لنا… وإن كان لنا وطن فهو ضائعٌ في أوطانٍ أخرى… ولم نستطع يوماً الوقوف والقول نحن لبنانيون… ونحن فخورين بأنّنا لبنانيون…
لطالما تساءلت بيني وبين نفسي، كيف يعقل أنّ أمماً ولدت بعد أمّتنا بسنوات أبناؤها يرفعون الرأس عالياً وهو حاملين بيدهم علم بلادهم… ويرفعون وطنهم عالياً مع كلّ عملٍ يقومون به… لا بل وأكثر، يقدّمون الغالي والرخيص كي يبقى هذا العلم مرفوعاً…

أما نحن فنكبر إن أهين لبناني… ونعظم إن سقط لبناني… ونصير فوق الريح إن سرقنا كلّ لبناني…

هذا اللبناني التائه اليوم في كلّ أصقاع الأرض هرباً من اللبناني… فلا وطن له حيث هو، بل يعيش في مغتربٍ مهين… ووطنه يملؤه الخوف والفساد…

نعم… منّا من يضيع في قوميّةٍ عربية… وآخرون في قوميةٍ سورية… وآخرون في قوميةٍ تافهة حتى داخل الوطن الواحد… والأخطر هو عند من لا قومية لهم وهم الأكثرية، فلا يتعدّون الطائفية المسمومة أو الولاء الأعمى لإقطاعيةٍ عمياء…

وهذا الوطن، لبنان… كأنّه أعطي لنا بدون إرادتنا؟!… أو كأنّه غير موجودٍ وصُنع… أو كأنّ التاريخ أحرق الأوراق المتعلّقة بنا…

أتمنّى لو أكون قادراً على إحصاء عدد الذين يجهلون النشيد الوطني اللبناني… وعدد الذين تسري في عروقهم كلماته وموسيقاه… أتمنى لو أستطيع القيام بمقارنةٍ بينهما… لكنّي أستطيع أن أؤكّد لكم أنّ الفارق شاسعٌ ومعيب…

فمن ذا الذي يرددّ في كلّ صباح كلّنا للوطن؟…

من ذا الذي يرفع صوت تلفازه عند افتتاح الإذاعات اللبنانية صباحاً فيسمع كلّ من حوله نشيد الوطن؟…

من الذي يقوم في الصباح ويسير إلى عمله وهو يقول في قلبه: كلّ ما سأفعله اليوم سيكون خدمةً ودفعاً إلى الأمام لوطني لبنان؟…

لماذا لا؟…

لماذا؟…

أليس واجباً علينا؟…

هل لبنان وُجد لنأكل وننهش منه ما نستطيع؟

هل لبنان وُجد لنرمي به في سلّة المهملات عندما تهبّ ريحٌ غربية أو شرقية؟…
أيّها الأحبة، ما قيمة الإستقلال إن لم يعد هناك من وطن؟…

ما قيمة العمل إن لم يكن لرقي الوطن؟…

ما قيمتنا نحن وما معنانا إن فقدنا الوطن؟…


أستحلفكم بالله التوقف عن هدر مكوّناته، وحرق ثقافته، وتزوير تاريخه…

أستحلفكم بالله التوحّد لحفظه…

ومن منكم لا يريده فليذهب عنّا إلى القومية التي يريد، وليعش في الدول التي يريد ويحلم بأن يأخذ الأوامر منها… واتركوا لنا هذا الوطن طاهراً من الدنس…

1 Comments:

Blogger Unknown said...

Totally agree... I raise my voice with you and ask all those who think they belong to any other clan but LEBANON, To BEAT IT.... and let us live in peace...

11:57 PM  

Post a Comment

<< Home