Friday, October 28, 2005

ما ورائيات

لطالما يغشّ الناس بمظاهر الأمور، فلا يعرف كثيرون أنهّ ليس كلّ ما يلمع ماساً… وهنا يكمن واجب
من يستطيعون القراءة لأنارة درب الشعوب للوصول إلى الحقيقة الحقيقية… كما أنّ قراءة الأمور من جانبٍ واحد وبمنظارٍ واحد هي غضٌّ للطرف وعدم رغبة يالنور والمعرفة…
اليوم وبفضل نشراتٍ إخبارية متواصلة، وسهولة الوصول إلى كلّ برنامجٍ مكتوب أو مطبوع أو متلفز، صار العالم قريةً صغيرة يتداول أبناؤها أخبار بعضهم عند ارتشاف فنجان قهوة أو حتى خلال وجبة الطعام… لكن دوماً دون رقابةٍ على ما يقال باسم حريّة التعبير…
وما من ينكر أنّ السياسة العالمية تطبخ على نار خفيفة… وكأنّ كلّ شيءٍ لعبة شطرنج… حجرٌ يزاح… حجرٌ يؤكل… وحجرٌ يضحى به من أجل الخطة… والتي صنعت خصيصاً لحماية الملك وجعله سيد الطاولة…
وبما أنّ المال في أيّامنا هو سيد كلّ شيء، طالما أنّه هو معطي القوّة والسطوة والسلطة، فكلّ برامج زعامات الأرض هي المحافظة عليه للسيادة على الطاولة…
العولمة… كلمة تقال… من الخارج تكسوها أبهى الحلل… أما هدفها الغير معلن فيثير الخوف في نفوس الكثيرين…
لا يمكن لأحدٍ إنكار ما تقدّمه للناس… فقد سهّلت التحركات… الأعمال… رفاهيات الحياة… الاتصالات… ومن تسهيلاتها على سبيل المثال هو ما تقرأوه من كتاباتي في هذه اللحظة في أقصى أقاصي الأرض… فما المخيف فيها…
1- محو الصفة الأنسانية من كلّ واحدٍ منّا… فنحن اليوم مجرد أرقام…
2- القضاء التام على الطبقة الوسطى… وازدياد معدل الفقر والبطالة… كما الزيادة الفحشة في غنى الأغنياء…
3- مراقبة دقيقة لكلّ واحدٍ منّا… مكانه… تنقلاته… إتصالاته… مصروفه… أفكاره… من خلال هاتفه نقالاً كان أم ثابتاً… من خلال حاسوبه… من خلال حساباته المصرفية… وهذا طبعاً في كلّ أنحاء العالم وليس فقط في بلداننا العربية المغضوب عليها…
4- التجسس على كلٍّ منّا بحجّة الأمن… خصوصاً بعد الحادي عشر من أيلول(المصطنع والمدروس)… ففتحت كلّ دوائر المخابرات في العالم أبوابها أمامها بحجة التعاون على الإرهاب…
5- إيصال زعماء إلى السلطة لا يمثلون تطلّعات شعوبهم، ودعم أيّ بؤرة توتر لإبقاء كلّ الدول أمام عجزٍ اقتصادي مخيف… ولا تستطيع الخروج منه وإن أرادت…
6- كلّنا… وأقول كلّنا في كلّ العالم نولد مديونين للبنك الدولي… دون أن نعرف لا كيف ولا لماذا…
7- البنك الدولي ، وعبر شخص رئيسه أو من يسيّر رئيسه يتحكّم بكل الصادرات والواردات في كلّ الدول… يسقط الشركة التي لا يريد… ويرفع من يريد فوق الريح… من يوقّع معهم يصل إلى السلام والرخاء… ومن يعاند، تهجم عليه فرقة الطبّالين في البيت الأبيض…

فلنرى من يدعم هؤلاء أو ذاك المتحكم بمصير سكان الأرض… وما هو برنامجهم لنا جميعاً… ما عليك إلا أن تسمع تصريحاتهم… فترى التوجه إلى خصخصة كلّ شيء في الأرض… حتى الأمن سيصبح خاصاً… وعندما تطرح مشاريع الخصخصة، فمن غيرهم وشركاؤهم يستطيع شراء هذه المشاريع?!…
وفي لبنان لا يختلف الحال كثيراً عن الباقين… فهناك قيّمون على هذا البرنامج… هم عاثوا فساداً في أجهزة الدولة… واليوم يقولون إنّها فاسدة… وهي لن تنهض بدون الخصخصة… فسرقنا مرّتين… وستخصخص… والشعب الذي اعتقد أنّه في الرابع عشر من آذار سيبني دولة، ما هو إلا جندي صغير على طاولة الشطرنج تلك… أزاحوه بلمسةٍ آثمة، وضحوا فيه باسم الربيع الذي مات خلال ولادته… لماذا؟… فقط كي يسود هذا الملك الآثم، أبو الكذابين، المتخفي ضاحكاً علينا خلف الستار، المتربص بخيرات أرضنا… الذي يريدنا غنماً لا نأكل لا ونشرب إلا إذا سجدنا له، مقفلين أفواهنا إلى الأبد…

Dr Sassine Michel El Nabbout

0 Comments:

Post a Comment

<< Home